صحيت من النوم دايخ ميت من التعب من قلة النوم الليل كله ومن كثر الأكل اللي كلناه في المطعم, لقيت كاترينا تنتظرني في منطقة الفطور جاهزة ومرتبة شناطها ومستعدة للمغامرة, انا كنت متحمس وايد لدرجة اني لبست لبس الدراجة قبل ماغسل حتى اسناني والبس عدساتي. مشيت بعدها برا علشان اشوف الدراجات بعد ماشربت شوية قهوة وقطعة كرواسون, لقيت اوغي ينتظر برا مع سيارتين لاند كروزر ونيسان بيك اب, ومعاه ماندالا وسناء وهاخا ينتظرون بلبس الدراجة مستعدين وكأنهم جنود في معركة! هذول هم الفريق للي بيرافقونا طوال الرحلة بالاضافة الى ماكس ومونيكا السويسريين واللي هم زباين عند اوغي. ماكنا حابين نضيع وقت اكثر في الانتظار لأن لازم ننطلق فورا قبل ماتبدأ الزحمة في اولانباتار ونعلق في الزحمة بالساعات, انطلقنا باتجاه المطار وبعد 80 كيلومتر اتجهنا غرب وبدأت الطرق الغير معبدة في الرحلة واللي راح تستمر لمدرة اسبوعين الى ثلاث اسابيع!
القيادة في الطرق الغير معبدة كانت اسهل مما توقعت بكثير ولكن يتطلب التركيز كثير بعد, الشي اللي ساعد ان الجو جاف وغير ماطروباين من ارضية المنطقة انها ما مطرت من فترة, ولكني حصلت بنشر للتاير بعد ساعة تقريبا من دخولنا الطريق الوعر. كنت مستغرب ومنبهر شلون ماندالا قدر يغير الرنق كامل في ثواني ويجهز الدراجة وكأني اشوف نفس اللي يبدلون التواير في الفورمولا 1 اثناء السباقات! وبعدها صبوا لي بنزين من الاحتياطي اللي موجود عندهم في السيارة في تانكي احمر وكملنا الطريق. اول محطة استراحة الغداء وقفنا فيها كانت في وادي محيط بالتلال الصخرية وهناك بدينا نطلع العدة كلها ونركب الطاولة الكبيرة والكراسي ونطع الموقد الخاص بالطبخ, والخضار والصحون للبدء في التحضير للطبخ. اوغي دايما هو الشيف اللي يطبخ لنا واللي يساعده كان ماندالا وكنت اشوف الجهد اللي نبذله في اخراج العتاد والاغراض من السيارة اللي محشورة فيها بدقة في وسط التواير وقطع الغيار. كاترينا انشغلت في التحضير وغسيل السلطة وتقدم الرز الأبيض على الصحون واوغي وماندالا كانوا يطبخون لحم مع الكثير من صلصة الصويا مع مشروم. اللحم كان حار جدا ولذيذ جدا تم تقديمة على ورقة خس مع ملعقة كبيرة من الرز والطعم بالنسبة لي وقتها الذ طعم بعد المسار الطويل بالدراجة.
كنت أنا اقل واحد فيهم ياكل او كنت الأكثر بطئا فيهم بسبب الستريس اللي صادني من اليوم اللي قبله لأني مارقدت, وسناء لاحظ علي اني ماكنت اكل وايد وقال لأاوغي: لازم ياكل عدل لأن في مجال دراجة الموتو كروس لازم يكون عنده طاقة عالية ولا بيتعب! انا قلت له اكيد في عشا لذيذ بعدين لازم اخبي مساحة له, واكيد بنطلع طرق أكثر وعورة اليوم بعد الغدا صح؟ احب اكون خفيف وانا على الدراجة. كملنا الطريق على مدى سهل اخضر كبير وواسع وارض شبه ملساء من الصخور لدرجة اني ساحب الثروتل على الاخر بدون تردد ان اي شي ممكن يطلع امامي غير المساحة المسطحة الشاسعة اللي خلتني ماشوف امامي ولكن اشوف واتمعن في المناظر حولي لدرجة حسيت نفسي موجود داخل رسمة او على بطاقة بوست كارد! بعدها وقفنا عند عائلة نومادية (بدوية) في خيمة كلهم ساكنين ونظام الخيم الوسط اسيوية اللي اسمها (يورت) والمكان محاصر بخيول برية ترعي حوالين المكان اللي مازال في وسط السهل الكبير الأخضر, وتبين لي ان صاحب الخيمة هو مالك للخيول اللي حوالينا ومدرب لسباقات الخيل والتحمل. رحبوا فينا داخل الخيمة واللحظة اللي بغيت اجلس في مكان معين قالوا لالالا تعال هني اجلس, تبين ان عندهم طريقة معينة في جلوس الضيف عليهم خصوصا اللي جاي من مكان بعيد وهذا ذكرني شلون بعض المجالس عندنا يجلسون الضيف في صدر المجلس. بعدها ضيفونا حليب حار مغلي مع تقديم بعض الخبز الجاف واللحم المقدد اللي يخزنونه للشتاء, استمعنا لقصص الأم والأب وأوغي كان يترجم لنا باللغتين الألمانية والانجليزية.
بعد حديث رائع وسرد قصص جميلة عن المنطقة وتاريخها, عرض علينا رب المنزل نطع بدراجاتنا نشوف خيوله اللي تبعد تقريبا كيلومتر واحد عن الخيمة, وهذه اللحظة قد تكون الأكثر جمالية او سحرية في الرحلة كلها, اذا ماكانت في حياتي المهنية في عالم الدراجات كلها! تميز هذه اللحظة يكمن اني اقترحت اسوق الدراجة في وسط الخيول وهي تجري في السهل, الفيديو اللي تم التقاطه لي راح اظل اشوفه واتذكره لبقية حياتي من جماله, الخيول ماكانت خايفة بقدر ماكانت بس تتجنبني او تتجنب صوت الدراجة, وماكانوا اصلا ممانعين وجودي بينهم لأن طريقة انسيابية جري الخيول مع سواقتي شكلت مقطوعة جميلة وانسجام رائع وكأننا جميعا اعضاء فرقة اوركيسترا كل واحد والته الموسيقية يكمل الثاني حتى تتشكل المقطوعة الرائعة! كملنا سواقتنا بعدها للنقطة اللي ممكن نخيم فيها ولكن لأن سناء كان متحمس اكثر مني يومها, ضيعنا السيارات وابتعدوا عنا وصرنا ندور ونلف في دواير ذهابا وايابا حتى لقيناهم من بعيد يأشرون لنا. لما وصلت, كان الكل منشغل في شي في يده, اللي ينصب الخيام واللي ينزل الاغراض واللي يعدل في الكراسي وتجهيز المطبخ, الا انا, منسدح على صخرة واتنفس بصوت من التعب, خصوصا بعد ماستوعبت اننا مشينا 300 كيلومتر اول يوم على دراجة موتوكروس!
كنت منبهر وايد شلون ماندالا يعيد ترتيب الأغرض مرة ثانية في السيارة كل مرة ننزلها ونرجعها, يعني ممكن اقول انه مهندس في استغلال كل مليمتر في المساحة في السيارة بشكل منظم ومرتب بدون ماتتكدس او تضغط على بعض, ومثل ماقالت كاتارينا وكأنها لعبة (تترس) اللي كنا نلعبها في القيم بوي. طلعنا المطبخ مرة ثانية للاستعداد للطباخ وهذه المرة اوغي طبخ لنا لحم وبطاطا ورز وسلطة مع الكثير من صلصة الصويا في الطباخ وهالشي تعب معدتي وايد, بس عقب مسار ورايد طويل جدا كلت العشا بشراهة وكنت ميت جوع وكانت اخر وجبة قبل النوم. الجو بدا يبرد على حلول الظلام وبدا الريح يهب علينا لذلك قررنا نولع نار ونتجمع عليه كلنا ونقضي باقي الامسية امامه, كنا انا واوغي وكاترينا وسناء وهاخا وماندالا, السويسريين راحوا ينامون في خيمتهم. خيمتي كانت فوق ظهر السيارة النيسان وكانت تجربة جديدة لي للتخييم فوق سيارة ولكن الخيمة كانت مريحة بغض النظر عن الأرضية اليابسة ولكني نمت!
صحيت من نومي الصباح مقتنع من جودة نومتي, مع اني صحيت وايد اثناء الليل بسبب البرد الشديد وكل شوي اغطي نفسي بقطعة حتى لبست الجاكيت كامل ولكن في الأخير نومة رائعة, طلعت من الخيمة نزلت على السلم الالمنيوم وشغلت الموبايل وبديت انزل فيديو اتكلم عن يومي وفي نفي الوقت ابحث عن زاوية ميتة مافي حد يشوفها للاستخدام كدروة مياة, وبعد مارجعت من دورة المياة, لقيت طاولة الفطور جاهزة والشوك والسكاكين مرتبة مع الصحون ولقيت صحني عليى بيضتين (بيض عيون) وقطعتين توست وهالوجبة مهمة جدا لبدء يوم اخر شاق بالدراجة الكروس. بدأنا الرايد بالدراجات قبل السيارات وكنت في طاقة ايجابية عالية واندفاع حذر متوجهين الى نقطة لانعلمها جميعا بعد, حتى توقفنا عند عين ماء يطلع ماء بارد وايد والماي نفسه صافي جدا وبارد ونظيف يستخدم للشرب ولسقي الدواب والماشية والزراعة, اول شي حبيت اسويه هو اغسل ويهي بهذا الماي الرائع
كملنا الطريق بالدراجات والجو كان رائع حتى توقفنا عند وادي محاط بصخور ملونة بالوان الرمال والطين متدرجة للتخييم في هذه المنطقة والنوم فيها, وبدأنا عملية اخراج الخيمة والمطبخ والعدة كلها ونصب باقي الخيام وتقطيع الخضار تمهيدا للعشاء. وهذه المرة جهزنا رشاش للاستحمام بما اننا ماتسبحنا من يومين, كان الجو شوي مغيم وهوا خفيف وهالشي خلاني افكر شلون بيكون الجو بكرة مع الدراجة ياترى مطر وطين وغربال ولا الامور بتكون طيبة؟ بديت اشم ريحة الطبخ وبدأت تسحبني جهة الخيمة الكبيرة مع الظلام وجلست على الطاولة وراسي عليه الفوطة المبلولة من الشاور وكان اوغي يطبخ لحم في صلصة ثقيلة غامجة مع جزر مقطع مطبوخ ورز مقلي بالبيض, بعد هالوجبة وبدون كلام رحت خيمتي ورقدت على طول, كنت احاول في الظلام ادور على سدادات اذني لتجنب صوت الرياح القوية اللي تهف على الخيمة بس مالقيتهم! ولكني من التعب رقدت على طول حتى صحيت الساعة 4 الفجر اسمع صوت المطر على سطح الخيمة صحاني ورياح قوية جدا, كان للحين شوي ظلام ولكني تذكرت اني حاط بطاريات الكاميرات وشواحن الباور بانك كلها مكشوفة عند المشغل اللي بالديزل (الجنيريتر) نقزت من الخيمة بملابسي الداخلية اركض للمحرك علشان الحق عليهم قبل لايتبللون وجبتهم ورجعت حاولت اكمل نومي بس ماقدرت.
تريقنا ريوق ثقيل هالمرة لأننا بندخل بوابة صحراء غوبي وممكن يكون يوم شاق ومتعب وحار ورمل, ولكن كان من الممتع اشوف ماندالا شلون يعير ترتيب الاغراض في السيارة مرة ثانية ويعرف يخصص منها مساحة لكل قطعة سواء صغيرة او كبيرة, ساعدنا بعض كلنا نطوي الخيام والكراسي ونساعد ماندالا في ترتيبها, السواقة الى اتجاه غوبي بتكون تجربة جديدة في منغوليا والارض مختلفة عن اللي واجهناه في اليومين اللي قبل, بتكلم اكثر عن غوبي في الجزء الثالث, انتظروني!