لبست لبس الدراجة بلهف وسرعة وكنت اول شخص مستعد للرايد اليوم مع حماس شديد, ولكن قبل ماطلع على الدراجة, جهزت عدة التصوير وثبتت كاميرات الموبايل والقو برو علشان اصور بتقنية (التايم لابس) اي تقنية تسريع الصورة وتعمدت اصور ماندالا شلون يحط الاغراض في السيارة مرة أخرى ويصف الصناديق والشنط بطريقته السحرية مع باقي الشباب اللي كانوا يساعدونه. عادة ماندالا يركب داخل السيارة من الخلف ويعطينا التعليمات شنو القطع اللي تدخل قبل وشنو بعدها وعادة يبدأ بالقطع الكبيرة وينتهي بالقطع الصغيرة ومن ثم الاصغر يعبي فيها الفراغات اللي متبقية. بعدها رحت للدراجة واستعديت للاقلاع ولبست الخوذة والقازات ولكن هذه المرة رح يطلع معاي في الدراجة الأخرة هانخا بدل سناء, اول شي سويناه لما طلعنا  بالدراجات بين التلال الحادة والمغبرة والطرق الضيقة والمتعرجة الصخرية للوصول الى اعلى الهضبة فوق علشان نشوف المنظر اللي كنا فيه تحت الليلة اللي قبلها من فوق والمنظر كان وايد اروع من الاعلى وماحسيت بجمالية المكان اللي نمت فيه الليلة اللي قبل الا لما طلعت فوق! المنطقة محوطة بسور لخطورة المنطقة ولكن من اجل المنظر الأروع كان لازم امشي داخل السور لمدة خمس دقايق وانا ماحبيت امشي بسبب ثقل لبس الدراجة والحر الشديد اللي بدا يزيد كل شوي على مرور ساعات اليوم وماكنت حاب ارهق نفسي من بداية يومي!

كملنا طريقنا بعدها وكنا كل ميل نقطعه نحس تضاريس الارض تتصحر أكثر والرمال تبدأ تبدل الأشجار شيئا فشيئا, ولكن كنا بعاد عن مناطق الكثبان الرملية وبعيده عنها لأني كنت للحين اشوف مسطحات خضراء كبيرة بالرغم انني قرب صحراء جوبي الشاسعة وبعض الأشجار المتنثرة في الانحاء مع قطع صخرية صغيرة تحيط فيها انها تقل كل شوي وحتى وصلنا منطقة تعتبر اكثر تحضرا وفيها شوارع أسفلتية لشراء العتاد والبترول والمياه للشرب وانا بعد كنت في حاجة لشراء سكروب معين لتثبيت كاميرا القو برو على سكان الدراجة واللي لقيته في محل لقطع الغيار جنب المحطة. كملنا طريقنا بعدين رجوعا للطرق الغير معبدة وخضنا بعض التحديات بين التلال وطلعات ونزلات مع هاخا وطرق فيها تحديات شوي ولعبنا بالدراجات في هذه الطرق حتى وصلنا طريق مسفلت آخر ونهاية هذا الطريق كانت بوابة كبيرة وجملية في تصميمها ومن ورائها اشوف مدينة كبيرة, لما وقفت اشرب ماي قالوا لي ان هذه البوابة تعتبر واحدة من البوابات الخاصة بصحراء جوبي, وانتظرنا على هذه البوابة مدة عشر دقايق حتى جانا واحد ولحقناه الى داخل المدينة وكان على أساس نقضي فترة الظهيرة والمساء في هذه المدينة حتى يبرد الجو شوي ونكمل. ظلينا نلحق السيارة في الدواعيس وبين البيوت حتى وصلنا الى قطعة أرض مسورة بالطابوق  وارضية المكان حصى وتراب وفي الوسط تم نصب خيمتين كبار (يورت) ووقفنا داخل هذه الأرض ودخلنا واحدة من الخيمتين. اوغي قال لي ان احنا بنوقف هناك علشان نزور أشهر عوايل صناعة الفضة في جوبي وفي اثناء استراحتنا, باقي الشباب بيروحون يستحمون ويبدلون ملابسهم في حمامات عامة في المدينة, ومونيكا احتاجت تشبك على الانترنت علشان تخلص أشغالها في الخيمة.

بعد وجبة الغداء, طلعت جهاز اللابتوب الخاص فيني علشان ارسل ايميلات مهمة مطلوبة مني في الوقت اللي العائلة المستضيفة تجهز العدة لتشغيل مصنع الفضة اللي بيعرضونه لنا وهذا المصنع متواجد في الخيمة الأخرى! انا وقتها كنت اتسائل شلون مصنع فضة كامل يشغلونة داخل خيمة يعني في موقد وفيه سلندر غاز ودرجة حرارة عالية وشلون يصهرون الفضة داخل وشلون يدقونها بالمطرقة! وبعدها حبيت اروح دورة المياه قالوا لي الشي الوحيد المبني من طابوق في هذه الارض هو الحمام! فاخذوني مكان صغير فيه شي قريب حجمه من حجم الباب وفيه شباك يطل على الخيمتين! دخلت لقيت مرحاض ومغسلة ولما فتحت المرحاض لقيت حفرة كبيرة تحت الأرض وين الفضلات تنزل فيه! في اثناء انتظار تشغيل مصنع الفضة, جانا واحد متين ورافع التيشيرت لين صدره ومطلع لنا كرشته يتمشى بتعالي وفخر وهالتصرف بالتيشرت المرفوع دايما الصينيين يسوونه اذا الجو حار. هالشخص هو صاحب المصنع وقال لنا بعد دقايق اخوه واخته بيوصلون وبيشغلون المصنع وبامكاننا نصور فيديو ونسألهم اي سؤال.

لما دخلنا داخل الخيمة المصنع لقيت اننا كان عددنا كبير وهي ضيقة وايد, كنا انا وكاترينا وماكس ومونيكا واوغي وهم كانوا 3 اشخاص, واحد شغل الموقد القوي علشان يذوب الفضة, وواحد كان يزخرف صحن من الفضة بواسطة مطرقة ومسمار كبير والثالث يجمع القطع الغير مستخدمة والمقصوصة من الفضة لاعادة صهرهم. اول شخص طلع لنا غرشة مليانة حبيبات الفضة الخام وطلع منها كمية على بوتقة صغيرة تحضيرا لصهرها, واول سؤال تبادر الى ذهني وقتها: من وين تجيب الفضة الخام؟ من كوريا, جاوبني الشخص الأول, والموضوع جدا صعب ومكلف ان نستورد من كوريا غير قوانين الضرايب والاستيراد المنهكة صار الموضوع صعب جدا نستورد, انا كنت انتظر اللحظة اللي يتم فيها صهر وصب الفضة على قوالب تشكل حلقات ومن ثم تشكيلها والمنظر جدا رائع, بعد ما انتظروا الفضة تتجمد وتبرد بداو في تشكيلها لعمل مجسم معين او طبق. في الخيمة لقيت كل انواع الاطباق والمصوغات المصنوعة من الفضة تمهيدا لشحنها للعاصمة للبيع او للخارج.

قبل مانطلع من البيت, جاتنا صاحبة البيت واعطت كاترينا معطف صوف محلي الصنع ثقيل ويدفي في البرد لونه ازرق فاتح وانصحتها تلبسه بالليل لأنه راح يكون برد, انا لبست لبس الدراجة وقعدت انتظر الشباب يرجعون من الاستحمام واللي تأخروا وايد عن اللازم وكل دقيقة تأخير ممكن تعطلنا من الوصول للنقطة القادمة, خصوصا لو حل الظلام علينا! ولكن الموضوع غير مهم لأننا مو ملتزمين نوقف في مكان معين ولا ملتزمين نسكن في فندق معين لأننا نخيم وممكن نوقف في اي مكان ونخيم فيه بدون اي حواجز والارض كلها فاضية ومتاحة للتخييم.بعد ماطلعنا بساعتين وصلنا مكان يعتبر متنزه وطني وفيه بوابة ثانية وأمن يحرسونها, ودخلنا سقنا في وادي سحيق للوصول لمنطقة مرتفعة على ارتفاع 2500 متر وهذه المنطقة اللي اخترناها نخيم فيها هذه الليلة. بدينا في الاجراءات المعتادة من نصب الخيام, تشغيل المحرك, وتجهيز المطبخ وتحضير العشاء وانا اخترت خيمتي تكون في مكان بعيد عنهم شوي للخصوصية, وبعد العشا جلسنا كلنا في الخيمة في الظلام بدون اي اضاءة نسولف ونضحك ونغني حتى كل واحد بدا يتثاوب ورحت خيمتي ونمت.

صحيت من النوم الساعة 5 الفجر ابحث عن منطقة بعيد عن الأعين للحمام, مالقيت الا اني اصعد التلة اللي خيمت جنبها واروح وراها واول ماطلعت اعلى التلة لقيت الكثير من الخيول والغنم والجمال بالسنامين, قلت واو! في احلى من هالمنظر مع قضاء الحاجة!؟  وبعدها رجعت للخيمة وسجلت فيديو لنفسي كالمعتاد وانا احلق وانا اغسل اسناني والبس عدساتي واتكلم عن اليوم اللي قبل, بعد ماخلصت ولبست, نزلت من خيمتي ولحقت على الشباب اللي كانوا مجهزين الريوق وجلست معاهم وسولفت مع اوغي, وقال لي شرايك تاخذ بريك اليوم وبكرة تريح جسمك من السواقة؟ خصوصا ان بكره بيكون صعب عليك السواقة في الحر الشديد مع الكثبان الرملية؟ بس انا رفضت بشكل قاطع لأن قالي ان اليوم بيكون ممتع مع السواقة بين الجبال الباردة والجليد الذايب في الجوانب والقيادة بين الوديان والانهار في منطقة تشبه الأخدود العميق. اوغي وكاترينا سبقونا بالمشي في الوادي واحنا جهزنا عدتنا وطلعنا بعدهم ب20 دقيقة وبعدنا طلعوا السيارات, انا وهانخا طلعنا بالدراجات في تحديات وطرق متعرجة غير معبدة وفيها مجاري مياه باردة وكل مانتوغل في الوادي تزيد البرودة اكثر وكل ماتبرد اكثر يضيق الوادي علينا اكثر لدرجة اني حسيت الجانبين بدوا يلتصقون في بعض ويعصروني في الوسط!

انا تقدمت في الطريق قبل هانخا بسبب الحماس والتحديات اللي في الطريق وكنت احس بالماي البارد يطشر تحت الجوتي كل ماعبر جدول مياه وهذه المياه كانت فريش نازلة من المثلجة في اعالي الجبال وبديت احسها تتسرب داخل حذاء الدراجة وبدأت تدلدغني ببرودتها, حتى وصلت هذه المنطقة السحرية اللي الكل يتكلم عنها من ايام وهي اضيق نقطة في الوادي واللي يا دوب السيارة تدخل فيها, لما دخلت بالدراجة كانت المنطقة فيها جدول مياه يمشي ولكن شوي اعمق من الجداول الثانية والجوانب فيها ثلج وكان يذوب وينقط على المجرى اللي عبرت منه. توقفنا نصور فيديوهات وصور وايد واحنا ننتظر السيارات توصل وظلينا تقريبا عشرين دقيقة ننطر والمياه كانت مثل الكريستال في منتهى البرودة صالحة للشرب وانا جسمي كان يعرق بسبب قيادة الدراجة فماحسبت ببرودة الجو ولا برودة الماي الكريستالي اللي نزلت على الارض نمت على وجهي وشربت من المجرى مباشرة! لما وصلت السيارات ظلينا نص ساعة اضافية نصور رايحين وراجعين بدون كلل ولا ملل نحاول نصيد اكبر عدد ممكن من الصور والفيديوهات لكل شخص منا وولا واحد منا اشتكى من التكرار نظرا لجمالية المكان واللحظة, وتأكدنا ان كل سيارة وكل دراجة وكل شخص خذ نصيبه من الصور والفيديوهات حتى قررنا اكمال الطريق جهة الصحاري الصفراء والكثبان الرملية والحرارة العالية.

هانخا يشرب مباشرة من المجرى المائي

توقفنا لاستراحة الغداء على نقطة ممكن من خلالها نشوف الصخور البنية والرمال الذهبية وراها من بعد وجبال عالية سوداء في الأفق, كانت لحظة صحراوية مثالية فيها حسيت بلهفة الجو الحار تلفح في وجهي والهوا الجاف لدرجة فصخت التي شيرت وصرت اتمشى بدونه وانا اصور فيديوهات للمنطقة واستكشفها. اول مارجعت من مشواري الصغير, سحبت لي كرسي بلاستيك وجلست جنب مونيكا وبديت اسولف معاها عن الصحاري وشلون كل صحرا تختلف عن الثانية في روحها وهويتها, لحظتها بديت اسمع صوت غريب في بطني, وهالصوت صحيح غريب بس ماكان غريب علي بعد! ولكنه صوت ذكرني بالتسمم اللي صادني في تونس وعرفت ان علامة تسمم او اسهال! ويبدو اني رح امرض ولكني في قلبي اقول ياريت هالشي مو المرض وانه مجرد صوت, ولكن كل شوي الالم يزيد والبطن ينتفخ, حاولت اتجاهل الموضوع واسولف ولكن موضوع البطن سيطر على مزاجي تماما وقمت على طول مشيت بعيد ادور مكان صاد للتواليت! المشكلة في هذه المنطقة انها ارض مسطحة مستوية مافيها لا تلال ولا طلعات او نزلات يعني لو مشيت 5 كيلو بعد بيشوفوني! فمشيت ابعد مايمكني امشي حتى مايشوفوني!

رجعت من دورة المياه لنؤكد لكاترينا اني فعلا اصبت بالاسهال ورسميا صرت مريض! ولكني اخترت اكمل السواقة حتى نهاية اليوم بالرغم من التعب والحر لأني مابي افوت فرصة السواقة على الكثبان الرملية. فبعد الانتهاء من استراحة الغداء كملنا الطريق ودخلنا في ارضيات مختلفة منها حصى ناعم ومنها رمال عميقة, وكل مانقرب لنقطة نهاية اليوم, يزيد عمق ونعومة هذه الرمال, كنت اشوف نفسي محاط بالكثبان الرملية العالية ولكنها بالرغم من احساسي بقربها الا انها بعيدة جدا من مساري, حتى وصلنا لبوابة أخرى وفي هذه البوابة طلبوا منا هوياتنا ومن بعدها الرمال كانت اعمق واعمق وكأني دخلت حظيرة الكثبان الرملية بعد هذه النقطة! كنا كل شوي نغرس ونغوص في الرمل ونبدأ ندفع بارجلنا ونطلع منها وماكنت اشوف الا امامي والتركيز علي والشمس حادة والالم في المعدة يزيد كل شوي, حتى وصلنا لمنطقة غنية بالالوان فجأة! حشايش على الأرض وجداول مياه تجري بين هذه الحشايش, وخيول في كل انحاء المكان ترعى وكثبان رملية وراهم وهالمنظر في حياتي ماشفته ابدا. وزيادة على الاماكن اللي خيمنا فيها مسبقا كمية الحشرات والبعوض والذباب المنتشر في كل مكان. حاولت ادخل بدراجتي فوق الحشايش علشان اصيد صورة حلوة ولكن غاصت التواير في الارض فقلت مابغي اغامر واغرس هني ونقعد ننظف الدراجة من الطين. فصخت التي شيرت وظليت اتمشى في المنطقة حافي القدمين وبدون تي شيرت وانا مستمتع بالجو ولكن البعوض بدا الحرب على بطني وظهري! وبعد دقايق كاترينا واوغي وماكس ومونيكا حبوا يمشون لين فوق الكثبان الرملية لمدة ساعة علشان يشوفون الغروب من فوق ويصورون المنطقة كاملة من اعلى الطعس, انا شخصيا ماكنت متشجع لهذه اللحظة كوني متعود على الكثبان الرملية ولكنها شي جديد بالنسبة لهم هم!

كنت احاول قدر المستطاع اصور الشباب وهم فوق الطعس

اثناء تجهيزي للملابس للأمسية, لاحظت سناء يجهز تانك الاستحمام لنا فاستغليت الفرصة ان الكل فوق الرمال ورحت سبحت اول واحد, وبعد ماخلصت, طلعت وانا لابس الشورت وحاط الفوطة على راسي ادور خيمتي وين نصبوها لي, ولاحظت سناء ينادي اسمي ويلحقني, وبعدها حط ايده على نبض قلبي من المعصم يقيس دقات قلبي, وحاول يشرح لي ان شكلي جدا مرهق واحتاج ارتاح شوي. بعد ماوصلوا تعشينا شي اطبخوه يعتبر من الأكلات الشعبية المغولية وقعدنا نسولف شوي ماطولنا وبعدها رحت خيمتي اللي حطيتها في وسط الحشائش اللي شوي مرتفعة بعيد عنهم كلهم وهناك المنطقة مليانة بعوض لدرجة كانوا متجمعين على الكشاف اللي على راسي وانا امشي للخيمة. ماكانت لحظة سهلة للنوم بسبب صوت الموسيقى العالي من الاشخاص اللي مخيمين جنبنا ويغنون كاريوكي طول الليل وفي نفس الوقت اصوات البعوض والحشرات الكبيرة اللي تتطاير وترتطم في سطح الخيمة الليل كله! كنت تعبان لدررجة اني عجزت اطلع من الخيمة علشان اجيب سدادات الاذن اللي خليتهم في الشنطة برا الخيمة وبكل تأكيد لو فتحت باب الخيمة رح يدخلون علي جيش من البعوض والحشرات!

 

صحيت الفجر الساعة 5 وعلى طول مشيت حافي على الأرضية الباردة والحشايش المبلولة جهة الخيول احاول اقرب منها علشان اصور فيديو معاها, في هذا الصباح قررت اخذ يومين استراحة من قيادة الدراجة بسبب المرض والارهاق الشديدين, لذلك اعطيت حذاء الدراجة الخاص فيني ل هانخا يستخدمه وانا جهزت عدة التصوير علشان اصور اكثر وانا في السيارة واصور الشباب يلعبون على الكثبان الرملية لاحقا. من المؤسف اني راح افتقد هذه اللحظة ولمن كنت مرهق جدا على اني اطلع بالدراجة فاخترت الراحة ومهم لاعادة استرجاع طاقتي اللي راحت في الاربع ايام اللي طافوا. وماهي الا لحظات قليلة حتى لقينا انفسنا في مواجهة مباشرة مع الكثبان الرملية شامخة امامنا وكأنها تقول حياكم الله العبوا واستمتعوا! والدراجتين بدوا يطيرون يمين ويسار ولعب على الكثبان في الوقت اللي انا لابس شورت وصندل وقاعد اشوفهم بحسرة وقلت من رابع المستحيلات اطلع على الدراجة بهذا اللبس ولكن في قلبي قلت ماراح اخليها في خاطري وركبت الدراجة بالشورت وخذت لي لفتين على الطعس في منتهى الانتباه علشان ماتعور ورجعت بعدها, حرصت اني ما اصور نفسي ولا انزلها في التواصل الاجتماعي كوني دايما اروج للقيادة بالعدة الكاملة للحماية.

كملنا طريقنا بعده وكل مانتوغل جهة الغرب تزيد حرارة الجو ويزيد عمق الرمال, حتى وصلنا لنقطة في منطقة معزولة تماما حارة جدا وجافة جدا مافي اي ظل لها والسبب الوحيد اللي خلانا نوقف هناك ان الصدام الامامي الفولاذي للسيارة بدا يترنح ويهتز واضطروا يوقفون علشان يرفعونه ويثبتونه. وبما انها وصلت الساعة 2 الظهر اوغي اقترح ان نخليها فترة استراحة للغداء وبعدها نكمل للنقطة اللي اوغي يدور عليها اليوم كله علشان يروينا اياها,واللي هي عبارة عن منطقة اخدودية شاسعة في وسط مكان يشكل منطقة معزولة شبه وادي محيطة بصخور مرتفعة كأنها بنايات وفي هذه المنطقة وقفنا علشان الشباب يلعبون بالدراجات من فوق الى تحت وعلشان نلتقط لهم صور وفيديوهات علشان ممكن نستخدمها للموقع الالكتروني لشركتي او للبروشرات. اوغي كان متردد بخصوص المكان وكان يفكر ان ممكن نخيم في هالمنطقة ولا لا, ولكنها ماكانت المنطقة اللي مقرر يخيم فيها اصلا ولكن تذكرنا ان البترول على وشك يخلص ومؤونة الماي خلص كله بسبب حرارة الجو شربناه كله! لذلك قررنا نكمل لاقرب مدينة للمؤونة وبعدها نوقف في المحطة المقرر لها. كملنا طريقنا على طريق في منهى الوعورة وفيه مطبات شديدة كسرت لي ظهري لدرجة اني تمنيت اكون على الدراجة احسن من التخضخض اللي انا فيه حتى وصلنا لاقرب محطة بترول, ولقينا طابور طويل جدا استغربنا منه ولكن عرفنا بعدها ان مافي بترول في المحطة اصلا! وفي السيارة والدراجات مابقى الا قطرات قليلة ويخلص البترول منها تماما, والشي الصادم ان قالوا لنا ان مافي بترول حتى صباح اليوم الثاني الفجر ومافي اي خيار ثاني الا اننا نخيم قريب من محطة البترول او نسكن في المدينة.

اول شي, اوغي اقترح اننا نسكن كلنا في فندق لكسر الروتين فبدينا ندور في المنطقة فندق مناسب ممكن ياخذنا كلنا او ياخذ جزء منا ولكن ماكان في الا فندق واحد وبسيط جدا ووسخ جدا واصلا مافيه الا غرفة وحدة وضيقة جدا, لذلك الاقتراح الثاني اننا نخيم في الساحات المفتوحة المجاورة للمدينة ورحنا باسرع وقت ممكن للتخيم قبل ماتزيد سرعة الرياح اللي بدات مع غروب الشمس والامطار اللي ممكن تنزل علينا, وكان الحرص اننا نخيم قريب من المحطة علشان نكون اول ناس ثاني يوم نعبي بنزين وننطلق. اول مااخترنا المنطقة اللي بنخيم فيها, سوينا الاجراء اليومي المتعارف عليه علشان ننام بدري ونصحى بدري, ومن حسن الحظ ان البقعة اللي اخترناها فيها شبكة انترنت وجوال وهالشي ساعدني انزل كل الستوريات المتأخرة وانزل الفديوهات في صفحتي حتى غطت عيني وطاح جوالي على وجهي. الساعة 5 الفجر صحاني سناء وقالي لازم نروح المحطة والسبب اللي صحاني عليه لأن خيمتي موجودة فوق سطح السيارة فظليت في منطقة التخييم اتمشى واصور واستعد حتى الكل يصحى وترجع السيارات ونتريق ونكمل المشوار وهذا بيكون ثاني يوم لي بدون الدراجة بعد!

بعد ساعتين من الانطلاقة الصباحية, صار لنا بنشر في وحدة من الدراجات في منطقة صخرية وبعد اقل من ساعة بعد صادنا بنشر في سيارة ماكس, وفي اثناء تصليح البنشر لقينا الصدام الحديدي العملاق على وشك يطيح بعد لذا قرر اوغي ينزل ويحطه فوق سطح السيارة, فطلع سطح السيارة من بعيد كأنها قرون ثور, وبهذه الطريقة الوحيدة بنقدر نكمل لاي منطقة نخيم فيها ويروحون يصلحون الدعامية في اقرب قرية. واثناء الغداء كان يتكلم اوغي عن نادي للسيارات اسمهم (اولد تايمرز كلوب) وهذول مجموعة هواة اوروبيين او اكثرهم انجليز يسوقون سيارات ليمتد على مستوى العالم معظمها سيارات فارهة مثل بنتلي قديمة او رولز رويس وايد قديمة وكلاسك يمشون برفقة طيارات درون وسيارات لاند روفر ترافقهم وكأنهم رالي حقيقي ولما قابلناهم قالوا انهم ساقوا سياراتهم الفارهة من لندن ومتجهين الى بكين مرورا بمنغوليا, في حين بعضهم الاخرين قالوا انهم شحنوا سياراتهم بالجو الى اولان باتار وبدوا منها وبيلفون منغوليا بس في مغامرة (شاقة) مثل ماوصفها لي, كلهم باين عليهم ملامح الثراء الفاحش من لبسهم وسياراتهم ونظاراتهم واغراضهم ومرافقيهم بس الفرق انهم مغبرين شوي وهالشي ماعطهم الحس المغامراتي نوعا ما!. مرينا على عدة ماركات وموديلات من هذه السيارات وكل مرة نمر على واحد منهم نوقف  ونسولف معاهم ومرات نصور معاهم.

ولليوم الثاني على التوالي قررنا نوقف ونخيم في مكان بشكل عشوائي بسبب مشكلة الصدام واللي لازم ماندالا يكمل بالسيارة الى اقرب قرية لتصليحه لذا وقفنا في احدى الوديان الجميلة في المنطقة واللي عبارة عن مسطحات شديدة الخضرة في وسط صحراء جوبي محاطة بجبال كثيرة. اجمل مافي تلك الليلة ان اوغي قرر يغير لنا الطعام هالمرة ويسوي لنا سوشي للعشاء كنوع من التغيير ولأن يومنا كان طويل وشاق ومليء بالاثارة نمنا كلنا بدري, ولأني حريص اليوم اللي بعده اطلع على الدراجة بعد توقف يومين, رحت حطيت الشواحن وشحنت القو برو والكاميرات استعدادا لليوم الثاني واللي بقولكم عنه في الجزء الرابع…