فجأة اشتغلت اذاعة المرور وانا اسوق من بافاريا يعلنون ان في جسم غريب في وسط الشارع على الهاي واي على ال اي3 وكنت على الطريق من بايريوث وكان يوم ممطر ومثلج حده. كنت يومها سايق تقريبا 1100 كيلومتر وعلى هذا الطريق اللي ماشي عليه فوق المليون مرة من سنة 1997 حتى هذا اليوم كانت لفة التنكيرشن جدامي وكنت افكر الف واروح اشوف الشباب ولا اكمل الى بون؟ اذا رحت لهم بكون ضفت 66 كيلومتر على المسار كله. ولكن في شي من داخلي يقول لي روح مر عليهم وشي ثاني داخلي يقول روح البيت وارتاح لأنهم بعد اقل من ساعة بيسكرون! الجزء الثاني اللي داخلي هو اللي انتصر في الاخير وقررت ارجع البيت.
وانا قاعد اتسبح كنت اسمع الجوال يرن في الغرفة واشوف الاشعار في ساعة الجارمن اشوف صيداوي يتصل لي ورا بعض اتصالات متكررة وهو يعرف هالحركة كلش ماحبها وفي نفس الوقت بديت اقلق عليه, قلت اكيد تهاوش مع ميلاني او حد من المطعم, كملت الشاور وقلت بكلمه بعدين يمكن هدا شوي بس كنت متأكد ان في شي مب طبيعي واكيد ثلت هوشة او خلاف بينه وبين حد, في الآخر خذت راحتي في الشاور وكنت افكر في نومتي اكيد بتكون عميقة وطويلة من كثر التعب, بعد ماخلصت ولبست وانا استعد للنوم توني ماسك الجوال بتصل في صيداوي تفاجأت باتصال من جو! وهالشي اللي ارعبني اكثر وزاد معدل القلق ان اكيد في شي صاير. قمت بالغلط سكرت في وجه جو واتصلت في صيداوي وكنت نفسيا مهيأ نفسي اهديه واقول له يتريث ومايعصب وفي اللحظة اللي رفع الخط قال لي: جيدا ضاعت
كانت هذه اللحظة اللي طيرت النومة من عيني وقعدت اتخيلها مسكينة مثلجة من البرد برا. درجة الحرارة كانت 3 تحت الصفر ليلتها وممكن توصل الى 5 تحت الصفر! واللي عرفته انهم كانوا تقريبا 5 سيارات و بين ال10 الى 15 شخص قاعدين يدورون عليها يعني نقدر نقول تقريبا كل شخص في التنكيرشن عرف عن ضياعها. شارون كانت تصيح وايد كونها اقرب وحدة من جيدا. كل شخص كان قلق عليها ويدور وانا كنت مازلت على الخط مع صيداوي مب عارف شقوله وشلون اتصرف, وهو قال شرايك تجي يمكن اذا انت جيت تلقاها؟ مع العلم انهم بلغوا الشرطة وقالوا لهم خلاص لاتسوون شي لين مانلقاها احنا, وفي هذه الاثناء استمروا الجميع في عملية البحث عن جيدا حتى يسمعون رد من الشرطة. قلقنا الاكبر كان البرد الشديد اللي ممكن جيدا تموت لو تمت برا لفترة طويلة. علشان جذي قررت البس مرة ثانية واروح لهم وانضم للبحث, وهذا المشوار بيضيف لي 140 كيلو على المسار اللي سقته اليوم كله وعلى ماوصلت طريق بي8 خففت السرعة وقعدت اراقب جانبي الطريق على اساس يمكن اشوفها ولكن مستحيل توصل لهذه المنطقة لأن وايد بعيد من موتو كراج ولكني نفسيا خففت وقلت ادور. وانا اقرب من التنكيرشن بديت احاتي جيدا وايد وقعدت افكر ياترى وين هي الحين؟ اكيد بردانة واكيد الحين تتلفت يمين يسار لما تشوف ملامح غريبة او لما تكون خايفة, بس الفرق هذه المرة ظلام وبرد شديدين. لما وصلت التنكيرشن قررت بدل ما الف يسار وهي لفة المحل, خذت لفة يمين معتبرا ان جيدا ممكن تكون هناك. واول مالفيت لاحظت كشاف كبير موجه على جدار بيت وحقل خالي كبير, عرفت ان هذا اندي وسيارته الامريكية وكان اندي مخفف, توقعت ان صيداوي معاه بس ماوقفت لهم وكملت بحثي عن جيدا حتى آخر الشارع. وكنت اصوت اسمها كل شوي ومتأكد ان الناس اسمعوني وصحوا من نومهم. كانت الساعة بعد ال12 بالليل.
اللي ساعد في موضوع جيدا اكثر شي هو لما نزلت في فيس بوك وانستغرام وتفاجأت من مدى التفاعل اللي الناس سووه بل اني نسيت كم مرة انشروا البوست في صفحاتهم وفي باقي القروبات. وفي هذه اللحظة خنقتني العبرة ان شلون الناس قاعدين يتفاعلون ويتصلون فينا ويطلعون يدورون علشان مجرد (كلبة) صغيرة او حيوان قد لا تكون له اي قيمة في بلدان أخرى, على سبيل المثال في قطر واللي قمت على طول اقارن الوضع لو جيدا ضايعة هناك شنو بيكون مصيرها؟ توقعت السيناريو بالضبط نفسه اللي صار شلون بيكون هناك بداية من اتصالي للشرطة ابلغهم بفقدان كلب وردة فعل كل من في القسم وضحكهم على البلاغ! يمكن هذه السالفة بيتمون يضحكون عليها شهور, ثاني شي يمكن تصير حملة من شلة تويتر وبيصير الموضوع تريند والتعليقات السخيفة هناك, غير سوالف رجال الدين اللي كل واحد بيفتي على كيفه وبيحرم وبيحلل وبتجيني الاتصالات ان مايجوز وعيب وانت ولد ناس وجدك كان شيخ دين! والله يخلصني من جماعة (لايجوز)! وفي الأخير بيجيك واحد بيقولك: اختلاف ثقافات يا أخي لا أكثر وهذا ترى بس جلب! وبذلك جيدا بتصير ضحية هذه الثقافة اللي تعتبر اقتناء الكلب جريمة وحرام. هذا الشي يمكن يفسر مدى عدائية الكلاب الضالة في البلدان العربية وتتحول عدائية دفاعيا بسبب عدائية الناس لهم. مع اني في كل اسفاري كنت دايما العب مع كلاب الشوارع والاحظ انها محتاجة حب ودلع واهتمام, دايما تحتاج انتباه واهتمام, وهالشي لاحظته في الكلاب اللي حوالين المطاعم في هونغ كونغ, واسواق الهند, وشوارع الارجنتين وباقي الدول كلها كلاب صديقة للانسان وتحب تلعب مع اي حد, ولكن في العالم العربي وبالتحديد في الخليج تعتبر مصدر خطورة وهجمات وتتحول متوحشة. شفت وايد فيديوهات تعذيب كلاب وحيوانات بشكل عام وشفت اطفال يرمون حجارة على الكلاب والقطاوة في بلدانن, لهذا ما اتمنى نفس الشي يصير لجيدا.
علشان ماطلع من موضوع البحث عن جيدا, رجعت بالسيارة صوب شركة البي ام دبليو اللي مكانها مجابل موتو كراج ولأني صايدها مرة تمشي هذا الصوب فتوقعت انها هناك, وفي هذه المرة لقيت سيارة مرتفعة وهي دودج رام عليها كشافات عالية, عرفت لما قربت منه انه ماتياس صديق اندي قاعد يدور جيدا طول الليل. هذا الشي نزل عندي درجة القلق وبدلها بمشاعر الفرح والراحة النفسية. ولسبب ما رجعت مرة ثالثة على نفس الشارع اللي رحت له المرة الاولى ومرة ثانية ولكن هذه المرة كنت امشي بشكل بطيء جدا اقرب الى المشي للانسان العادي, ووقفت السيارة ونزلت امشي بنفسي واصوت عليها ولكن بدون اي فايدة. شغلت السيارة وتميت امشي شوي شوي حتى لاحظت شي بني غامج مايل للسواد يمشي ويبدو لي اول شي انه كلب وكان يعري ويتلفت, وهالكلب كان متجه صوب سيارتي بشكل متردد وغير وجهته وكمل على طول. خففت شوي لاني كنت شاك انه ثعلب لأني قبلها بشوي شفت ثعلب في نفس المنطقة, ولكن هذه طلعت جيدا! جيدا هي اللي لقتني, مب انا اللي لقيتها وتميت اصوت عليها ووقفت السيارة في وسط الشارع نزلت لها. كمية الفرح اللي شفتها فيها كانت لاتوصف بثمن! من كثر ماستانست اول ماشافتني بالت على طول. لميتها وعلى طول حسيت ببرودة فرو جسمها وكانت مبللة شوي, حاولت اتفحص جسمها واشوف مفاصلها اذا سليمة ولا لا وخليتها توقف تجيني وعقب لاحظت جرح في يدها اليمين. ولأول مرة جيدا تحب تركب السيارة وسقت فيها للعودة الى المحل.
وهذه اللحظة اللي وصلنا فيها طلعت جيدا من السيارة وبالغلط طقيت على زر الالارم في مفتاح سيارتي وتمت تطق هرانه لين صيداوي طلع من المحل متخرع ولما شاف جيدا التعابير اللي في وجهه كانت صدمة على فرح على شبه بكاء ولما تكلم كان شوي فيه نفضة وسألني وين لقيتها ولما شرحت له المكان انصدم زيادة واقشعر وقال تعال داخل بقولك شي بتنصدم وشعر جسمك بيوقف! جيدا كانت وايد متحمسة ومبسوطة انها رجعت بيتها ولما شافت صيداوي بالت بعد مرة. وبدا يقول لي اللي قاله لها ابو كارو (صديقة صيداوي) وهو شخص يدعي انه يتخاطر مع الكلاب ويتواصل معاهم. مع اني طول عمري اتطنز على هالنوعية من البشر بل اني تطنزت عليهم انا وصيداوي ولكن لما ارسل لصيداوي الموقع عالخارطة وهو نفس الموقع بالضبط اللي لقيت جيدا فيها. وعلى حسب كلامه انها في منطقة فيها خشب وسيارات وبيوت وهالشي بالضبط اللي شفته لما لقيت جيدا وهالمعلوات اللي عطانا اياها كانت صدمة كبيرة لنا انا وصيداوي. وهالشي خلاني اعيد النظر في فكرتي عن تخاطر البشر مع الحيوانات, هالشي بيخليني اعتمد عليه مرة ثانية لو ضاعت جيدا او فلوكي.
جيدا علمتني درس كبير ذيك الليلة, الدرس اللي عمري ماتعلمته بالرغم من سفراتي كلها وهو الانتماء, الوطن, وتعلق القلب بالمكان اللي بتفتقده في كل مرة تبتعد عن البيت. المكان عبارة عن وجوه الناس اللي يحبونها واللي يرحبون فيها كل مايشوفونها. انا دايما اقول لنفسي وللناس اني مازلت ابحث عن الوطن والحضن والبيت اللي انتمي له مع انه دايما امامي وحولي وفي قلبي وماحسيت فيه! الوطن هو الحب ووين متواجد, وين العائلة واللي يحبونك موجودين حولك يفتقدونك لما تغيب, الوطن هو الأرض اللي تنتمي لها واللي ممكن تموت من اجل هذه الأرض. يوما ما بتكلم عن الدرس الكبير اللي جيدا علمتني اياه, بتكون قصة جميلة اقولها لبناتي ولكل شخص يكلمني عن قصص الالهام.القصة اللي علمني اياها حيوان ضعيف لا يتكلم ولا يعبر مثلنا. هالحيوان علمني الدرس اللي كنت طول عمري اتجنبه او احاول انكره. واما الآن اللي مسبب لي الالم الكبير هو بعدي عن الوطن وبناتي, بيتي اسرتي بناتي وواردي ووالدتي
شكرا جيدا