صحيت الصباح متخرع ومتوقع اني راحت علي نومة, فقمت نقزت من السرير مثل المجنون وعلى طول طلعت برا الغرفة اخذ الحذاء الخاص بالدراجة لأني خليته برا اليوم اللي قبله بعد يوم ماطر شديد, خليته برا ينشف, دخلت الحذاء داخل الغرفة وبديت البس لبس الدراجة وقررت انزل اتريق قبل ما اطلع المسار الطويل على الطريق نحو قرطاجنة في شمال كولومبيا. أثناء ما كنت البس الحذاء وصلتني رسالة نصية من البنك مفادها ان بطاقتي الائتمانية تم حظرها من الاستخدام في كولومبيا! قلت في نفسي خلني اخلص لبس واستعد اول وبعدين مع الريوق بتصل في البنك وافهم السالفة. وأنا جالس على طاولة الفطور وفي انتظار البيض عيون اللي طلبته وماسك الموبايلين اتصل فيهم في نفس الوقت, واحد اتصل في البنك والثاني اتصل في شركة الاتصالات و في الخطين حاطيني على الانتظار لفترة طويلة! وفجأة ردوا علي البنك وقالوا لي ان كولومبيا من الدول الخطرة والبنك مايتعامل معاهم ومايقدرون يفعلون لي بطاقاتي ابدا! والحل الوحيد هو اني اغادر البلد علشان ترجع البطاقات طبيعية!

طول الصباح انا على الانتظار مع البنك على الخط

بدون ما أحس اني ماوصلني البيض اللي طلبته, تركت طاولتي معصب رايح للدراجة واستعد للمغادرة علشان احط باقي اغراضي وانطلق الى قرطاجنة, كنت قلق جدا على نظام تشغيل الدراجة اللي كان يطقطق علي من كم يوم وفي نفس الوقت قلق على البطاقة اللي ماتشتغل وبعد قلق على خط الموبايل اللي شركة الاتصالات ماعندهم اي باقات للسفر مع كولومبيا وبعتبرونها بلد خطرة وماعندهم نظام تعاون في الاتصالات الدولية! وبعد كنت قلق اني طلعت من الفندق بدون ما اكل اي شي! يعني معدة خالية, بطاقة بنك مضروبة, خط اوريدو مقطوع ونظام تشغيل خربان! كنت اتمنى يومي مايخترب أكثر من بدايته السيئة!

معظم أراضي كولومبيا تقع على ارتفاعات شاهقة جدا, والرطوبة فيها عالية جدا وهذا يمكن يبرر المزاج السيء الدايم لي والصداع اللي مرافقني دايما, بس من حسن حظي, في يومها كنت راح اهبط من الارتفاعات الشاهقة الى المحيط والمناطق الساحلية في الشمال. وانا في طريقي نحو قرطاجنة, توقفت عند 3 محطات بترول علشان اصب ومافي ولا محطة عندهم بترول, ولما وصلت المحطة الرابعة لقيت طابور طويل من الانتظار لدرجة اضطريت انطر اربعين دقيقة حتى وصل دوري! وقتها كنت وايد قلقلان ان الفلوس المحلية اللي عندي ماتكفي ادفع فيها بس زين اللي حاط في جيبي احتياط دولارات وهذه الدولارات دايما مطلوبة في أمريكا اللاتينية. كملت طريقي الى جهة الشمال وبالتحديد لملاقاة البحر الكاريبي مرة أخرى وكنت متطمن اني دفعت حق البنزين بس هالاطمئنان ماكان كافي لأني مازلت قلق على الدراجة اللي ممكن توقف في اي لحظة! وقفت للاستراحة وشربت قهوة ولقيت جانوت وتيم(رحالة سويسري واخر امريكي)  يتقهوون وقعدت معاهم وقررت اكمل المسار وراهم حتى الوصول لقرطاجنة.

كنت متمني اني اوصل الفندق قبل ماتتعطل الدراجة تماما خصوصا انها كانت تكحكح كل شوي اوقف وابندها وارجع اشغلها, ومن حسن الحظ اني وصلت حدود المدينة والدراجة مازالت شغالة ولكن في اللحظة اللي دخلت فيها اكثر منطقة مزحومة فجأة وقفت الدراجة وماعادت تبي تشتغل كلش! ومن سوء الحظ وقفت في وسط اكثر منطقة مزحومة في قرطاجنة ووقفت جدام صالون نسائي فاضي والموظفين متمللين فاخذوني جدول لهم تسلية تموا يتشمتون ويضحكون ويسولفون ويصورون فيني وانا متوهق ادور طريقة اطلع منها من هالمكان اللي دراجتي لفتت نظر كل من موجود فيها! حتى وصلوا الشرطة وحاولوا يقولون لي ممنوع التوقف في هالمنطقة وتميت خمس دقايق اقنع فبهم اني دراجتي خربانة وماقدر اتحرك حتى توصلني سيارة دعم او اصدقائي يوصلون! وبعد شوي شفت جانوت وتيم مع بعض وصلوا وساعدوني احرك الدراجة الى البلازا القريبة حتى توصل شاحنة الدعم. بعد تقريبا ساعتين وشي شفت بيتير وتيفاني (سائق الشاحنة مع المساعدة) وصلوا لي وقدرنا ندخل الدراجة في الفان وكملنا للفندق.

جانوت كان يساعدني انقل الدراجة للبلازا

دخلت الفان قعدت في النص بين تيفاني وبيتر مع بعض كملنا الطريق في وسط البلد في وسط مياه البحر اللي كانت تارسة الطرق والشوارع في المناطق القريبة من البحر, في البداية كنت اظن ان هذه مخلفات تجمع مياه الأمطار مثل عندنا بس بعدين لاحظت السما صافية والحرارة عالية والرطوبة والجو ملزق وحر, بعدين فهموني ان هذا شي طبيعي في قرطاجنة لما البحر يصير مد عالي تزحف مياه البحر لى وسط المدينة وتتحول نفس مدينة البندقية في ايطاليا. كنت متمني اقط نفسي على السرير في الفندق قبل ماتصير لي اي مصيبة ثانية بعد, وبعد ماخلصت الشيك ان في الفندق ومن حسن حظي ماطلبوا بطاقة البنك رحت الغرفة وخذت لي قيلولة قبل لا اقرر استكشاف المدينة مع اني كنت مازلت قلق على دراجتي اللي ماتشتغل وقلق اني مالقى قطعة غيار في هالمنطقة اللي انا فيها!

بعد قليل من الاتصالات من قبل كيفن, وصلني الخبر ان قطع الغيار الخاصة بالدراجة موجودة في المدينة الأخرى اللي بوصل لها بعدكم يوم اسمها ميدايين وهناك بيبدلون لي قطعة نظام التشغيل في الوكالة اللي عندهم, هني القلق كله اللي عندي تقريبا راح وانعدم وقررت انزل اقضي الصباح كله استكشف المدينة مشي. قرطاجنة معروفة من ايام المستعمر الاسباني انها قرطاجنة الانديز وفيها من أهم الموانيء العالمية في كل أمريكا الجنوبية بسبب موقعها الاستراتيجي في الشمال وقريب من بنما والأهم ان المدينة محسوبة من ضمن الأرث الخاص باليونسكو كمدينة تراثية مازالت محافظة على اثارها ومبانيها من ايام الاستعمار الاسباني.

صحيت ثاني يوم الصباح وكان يوم راحة, ولكن صحيت على خبر جميل ان دراجتي تصلحت وبيتر صلح النظام بشكل مؤقت حتى اوصل الى ميدايين بعد يومين او ثلاث, وهذا كان اول خبر جميل اسمعه من بعد يومين اخبار سيئة! وبعد ساعتين وصلني اتصال بعد من البنك وابلغوني انهم فتحوا بطاقاتي بشكل مؤقت لمدة اسبوعين حتى اسافر من كولومبيا الى الاكوادور. تنفست الصعداء ان الاشيا اللي متعطلة كلها بدأت تتحرك للامام أخيرا, الا اني بديت احس بمرض وحرارتي بدت ترتفع والم في البلعوم معاها, واكيد بسبب الرطوبة العالية والمباني المكيفة الباردة في كل مبنى ادخله