“الجانب السلبي في الترحال, انك ماتقدر تقعد في مكان واحد” هذه الجملة قلتها اثناء تصوير فيلم (رحال) الوثائقي اللي تحدث شوي عن معاناة الرحالة والمغامرين على انهم غير قادرين على الاستقرار في مكان واحد, الفيلم بعد غطى جزء من رحلة طريقي للحرير اللي قمت فيها سنة 2017. بعد اكثر من اربع سنوات من تصوير هذا الفيلم, صارت اشياء وايد في حياتي وبعدها قررت اني استقر في المانيا فور انتهائي من رحلة بين القطبين, ظنا مني ان انجاز الحلم الكبير راح يبدأ من هناك, وهو فعليا بدأ من هناك, ولكن من سنة 2019 وحتى اليوم, كنت احاول بكل جهد اني اغير مفهوم وفكرة ان الرحالة مستحيل يستقر في مكان واحد ومن المؤسف ان الفكرة هذه صعب تغييرها, على الاقل بالنسبة لي, لأني كل مرة اسافر من المانيا الى الدوحة اقول: هذاني عائد للدار وبعد كل مرة اسافر من قطر الى المانيا اقول نفس الجملة: عائد للدار! وماقدر حتى اقول عن نفسي اني مستقر سواء في المانيا بشكل تام أو في قطر بشكل تام. في قطر على الأقل هذه وطني وارضي ومسقط راسي وين تربيت وعشت ذكريات الطفولة وين بيتي موجود, بناتي وامي وابوي مما يجعله الوطن والدار, والمانيا بعد اعتبرها نوعا ما الدار, لأنها البلد اللي قررت استقر فيها لأبدأ مشروع الحلم الكبير وابدأ بداية جديدة من الصفر, كذلك ما انسى الذكريات من ايام الجامعة وعمل ابوي فيها في التسعينيات.
وفي حقيقة أخرى تصعب من المهمة في الاستقرار وهي ان بناتي اختاروا يظلون في الدوحة وماينتقلون معاي ويدرسون في المدارس هني, وبهذا القرار صعبت علي مهمة الاستقرار وزادتني مهمة صعبة وهي وجوب سفري الى الدوحة بشكل دوري ومتكرر.ومن سنة 2019 وحتى اليوم وانا احاول اخذ كورسات لغة المانية وكل مرة اقرر بهذا الشي, تطلع لي سفرة تخرب المخططات كلها وترجعني لنفس النقطة, ومن هذيك السنة اللي سافرت فيها افريقيا وسنتين 2020 و 2021 العالم كله اعتفس بسبب كورونا وفي نهاية 2021 و سنة 2022 قمت برحلات وايد بالدراجة النارية حول العالم. وللأسف كل هذه الرحلات ابعدتني بشكل كبيرمن البلدين نظرا لاختياري المكان المفضل بالنسبة لي وهي مقعد الدراجة النارية تايه ومتجول حول العالم مو مستوعب ان عندي تجارة مهمة ومشروع كبير وبنتين في سن المراهقة دايما مشتاقين لي!

ممشاي الصباحي مع جيدا
في صباح مشمس في بداية الصيف وبعد احدى رحلاتي في الجزائر, بديت يومي بجولة في الغابة مع (جيدا) كلبتي وهالجولة الصباحية ماكانت هي متعودة عليها وحتى لاحظت التعجب في حركاتها لما طلعت الحزام علشان اربطها واطلعها, ويبدو لي انها مستغربة انه وايد بدري على موعد طلعتها اللي الصيداوي يمكن عودها عليه في غيابي في فترة الشهر اللي راح! ولما بدينا نمشي بديت افكر في موضوع ان الكلاب لازم تعيش على روتين صارم علشان تكون تقدر تتعايش مع البشر بشكل رائع مثل وقت محدد للمشي اليومي واوقات مخصصة للوجبات والخ, وهذا الشي اللي احاول التزم فيه في كل مرة اكون متواجد في المانيا ومن حسن حظي ان الصيداوي ياخذ باله منها في كل مرة اغيب عن البلد. ومن بعد التفكير في الروتين في يومها, خذني الموضوع الى قبل اكثر من اربع سنين لما كنت اشتغل في وظيفتي الحكومية وكنت اقول اني انا مستحيل اقدر اتعايش مع الروتين فهو يعطل مسيرتي وحياتي ومستحيل اخضع لساعات عمل كونها عبودية والتزام وانا كوني روح منطلقة وحرة لازم ابعد عن الروتين لأبدع, وفعلا نفذت اللي خططت له, وبعد اربع سنوات من التخلص من الروتين اكتشف ان الكثير من الاوقات والساعات المهمة من حياتي ضاعت هدرا على ولا شي, الكثير من الفرص اللي لازم اقتنصها راحت بدون استغلالها, بس لمجرد ان مافي جدول امشي عليه يومي كله يصير مبعثر, لذلك من اول قراراتي في سنة 2023 هي اعادة بعض من الروتين اللي تخلصت منه قبل كم سنة, واضيف بعض ساعات الرياضة, اوقات محددة للدراجة النارية واهم شي من هذا الروتين هو ساعات عمل في شركة موتو كراج اند داينر, وفي الاخير لن انسى اني اخطط جدول سفراتي للدوحة طول السنة حتى نهايتها
وكل عام وانتوا بخير